أمانة المسؤولية في الرياضة- القحطاني، الياقوت، والمدلج.. قصة فساد

المؤلف: حسين الشريف08.15.2025
أمانة المسؤولية في الرياضة- القحطاني، الياقوت، والمدلج.. قصة فساد

إن تحمل المرء الضعيف للمسؤولية الملقاة على كاهله يمثل عبئًا جسيمًا، إذ يتوجب عليه أداء الواجب بأقصى درجات الإتقان، باعتبار أن المسؤولية هي "أمانة" عظيمة تخلت عنها حتى الجبال الشامخة، مما يستلزم منا جميعًا الحرص الشديد على تأديتها على أكمل وجه، وبكل ما أوتينا من قوة وعزيمة.

ويشتد الأمر صعوبة وإحساسًا بالرهبة عندما تكون المسؤولية مضاعفة ومتشعبة، خاصة عندما تكون مؤتمنًا على حقوق الآخرين، وهو ما يفرض علينا الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف المعنية لضمان تحقيق العدالة المنشودة، وإرساء الحق والإنصاف بين الناس دون تحيز أو محاباة.

ولكن أين نجد ذلك في واقعنا؟ يا من ذُكر اسمه في سياق قصة انتقال النجم ياسر القحطاني، والتي روى تفاصيلها الرئيس الأسبق لنادي القادسية، جاسم الياقوت، مع الزميل بدر الفرهود في أمسية استثنائية لم تكشف عن كل الحقائق والأسرار الخفية.

جاسم الياقوت، الذي نبش في دفاتر الماضي وكشف الخبايا والمستور، وأزاح الستار عن كيفية إدارة اتحاد الكرة لمنظومة كرة القدم، والمعايير المزدوجة التي يتعامل بها مع أندية الوطن المختلفة، غاب عنه في لحظة تجل مع الذات أنه كان طرفًا ثالثًا في هذا السيناريو المثير للجدل لسببين جوهريين: أولهما، تنازله عن حق نادي القادسية، وهو المؤتمن عليه، بمجرد مكالمة هاتفية عابرة من رئيس اتحاد الكرة، ضاربًا بمصلحة ناديه عرض الحائط دون أدنى اعتبار، والآخر، أنه لم يعمل بنصيحة قائده الإداري، الأمير محمد بن فهد، بضرورة المحافظة على مصلحة القادسية والدفاع عن حقوقه، وهذان الأمران كفيلان باستجوابه من قبل أعضاء البيت القدساوي ومساءلته بشكل صارم، وإسقاط العضوية الشرفية منه، كونه تهاون في التمسك بحقوق ناديه، فضلًا عن صمته المريب طوال هذه المدة.

وبالقدر الذي كان فيه حديث الياقوت بمثابة صدمة مدوية للكثيرين ممن كانوا يضعون ثقتهم الكاملة في اتحاد الكرة ورجالاته، بقدر ما كان الأمر عاديًا ومتوقعًا عند البعض الآخر، على اعتبار أن كل ما ذُكر كان ملموسًا وواضحًا للعيان في الشارع الرياضي، ولم يكن ينقصه سوى الدلائل والبراهين القاطعة، وهو ما أشار إليه الياقوت بوضوح، مما يدفعنا إلى التساؤل بقلق وترقب، ولا ننتظر الإجابة خوفًا مما قد يحمله لنا المجهول من مفاجآت صادمة أخرى، تتعلق بأسماء أخرى كنا نحسن بها الظن ونعلق عليها الآمال.

فالأسماء التي وردت في "مذكرات" الياقوت لديها ما يبرر أفعالها، كونها تسعى جاهدة لتحقيق مصالحها الشخصية، ولكن الأمر الذي لم أجد له تفسيرًا منطقيًا ومقنعًا، هو أن يتحول عضو مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، بحجم الدكتور حافظ المدلج، وهو "الأكاديمي" المعروف، إلى مجرد مندوب مفاوضات يجوب الشوارع طولًا وعرضًا، ذهابًا وإيابًا، مقبلًا ومدبرًا، متنقلًا ما بين هذا الطرف وذاك، تاركًا المهمة الرئيسية المناطة به، ومتخليًا عن أمانة المسؤولية الملقاة على عاتقه، ولكن المتتبع لمسيرة الدكتور المدلج لا يستغرب ما حدث إطلاقًا، فالشواهد والأمثلة التي لا تزال راسخة في أذهان الرياضيين لمواقفه المتباينة تجاه هذا النادي أو ذاك كثيرة ولا تحصى.

وللأسف الشديد، لم يكن حافظ المدلج هو الوحيد في هذا السياق، فهناك الكثير من المدلجين في مجال الرياضة، وهناك العديد من الأندية التي لم تحظ بنفس النفوذ والحظوة التي حظيت بها أندية أخرى، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كم نحتاج من أمثال جاسم الياقوت حتى يتم كشف هؤلاء وفضح ممارساتهم؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة